محمد رويشة الإنسان والذاكرة: إصدار جديد ونوعي للأستاذ الباحث في الثقافة الأمازيغية عبد المالك حمزاوي - المغربمحمد رويشة الإنسان والذاكرةتقديم : الدكتور محمد لمنور
شرف كبير لي أن أقدم هذا المؤلف الجديد، هذه الثمرة المميزة التي تعنى بالموروث الثقافي المغربي وعلى وجه الخصوص الامازيغي منه. هذه المساهمة التي استغرقت سنة واحدة فقط جاءت لتتوج سنوات طوال من التأمل والبحت في الثقافة الامازيغية بكل تجلياتها وخاصة الجوانب الفنية والإبداعية ما ظهر منها وما بطن والخفي أعظم.
جاءت هذه المساهمة لتستحضر وتؤرخ لاحد أبرز شخصياتها التي طبعت بكل قوة المشهد الفني المغربي بكل مكوناته وخصوصياته، الراحل محمد رويشة.
أخي الاستاذ عبد المالك حمزاوي من المولوعين حقا بالفن والإبداع رغم تكوينه في الآداب الإنجليزي حيث اهتم وأحب مند نعومة أظفاره الادب العربي وشعرائه الفطاحل أمثال أبو نواس، المتنبي وغيرهم كثير، وكذا الموشحات الأندلسية التي يحفظها عن ظهر قلب ناهيك عن الثرات الامازيغي وخاصة جانبه الفني حيت أبان، وأنا أعرفه كثيرا، عن كل خباياه وكل الفنانين والفنانات الذين كونوا على مر العصور ركائزه الأساس تلك التي تدوم والتي لا تفنى والتي ستبقى خالدة الى الابد.
هذا المؤلف يفتح آفاق جديدة للباحثين حيث انه فتح الباب أمام تكريم الفن والفنانين الامازيغيين خاصة أولئك الذين أغفلهم التاريخ والذاكرة.
الاستاذ حمزاوي من الذين لهم دراية واسعة ودقيقة بهؤلاء الفنانين وإنتاجاتهم وحاول جادا وباستماتة تفرض التقدير والإمتنان ان يجمعها، هدفه الأساس والأسمى أن لا تذهب سدى وأن لا تكون عرضة للإتلاف والضياع والنسيان. ولابد من الإشارة في هذا المقام أن الكاتب ضحى بوقته وإمكانياته وجند كل طاقاته لتدوين هذه المتون وانتقاء شهادات من طرف أولئك الذين عايشوا من قرب هؤلاء الفنانين الكبار، العمالقة بشموخ الأطلس الذي رسخ بصماته في فنهم العميق والأصيل هذا الإبداع الجماعي الذي يعبر عن ثقافة وحضارة الإنسان الامازيغي المتشبت بأرضه ووطنه.
لن أفشي سرا أن اؤكد أن هذه الثمرة الاولى قد تكون بداية لسلسلة طويلة هدفها التعريف بجمهرة من الفنانين الامازيغيين المتواجدين بالأطلس المتوسط والكبير، وهذا يستدعي لا محالة كثيرا من الجهد والصبر ونكران الدات وهو عمل جبار لا يريد من خلاله إلا الإعتراف بما قدموه من أجل الامازيغية وحفظ الذاكرة ما استطاع. ومن خلال هذا العمل الجاد يمكن القول أننا لم نرد الطرف عنهم وأنهم دوما بين ظهراننا وداخل وجداننا وهو عربون الإعتراف بالجميل والتقدير والإحترام. إنه عربون الشغف والتعلق بهذا الفن والإبداع الحامل لهموم وحب ايمازيغن لأرضهم ووطنهم، هذا الإبداع الذي يهتم بكل جوانب الحياة اليومية من حب وحزن وألم وهموم وتطلعات الى ما هو أحسن.
إن هذا المؤلف الأول حول الراحل الهواري المعروف بمحمد رويشة الذي سيبقى دوما في قلوبنا له ميزة خاصة حيت أن الاستاذ عبد المالك حمزاوي كان من أصدقائه المقربين، وأمام رحيله، هذا الوضع الجلل الذي قال عنه الشاعر: "هذه الدنيا لا تبقي على أحد ولا يدوم على حال لها شأن".
بهذه المساهمة أراد الكاتب أن يخلد بصمات محمد رويشة في التاريخ. المرحوم أمير الوطر، هذا الوطر الشاعر الحنون الذي يطرب عبر رناته وبدون متن أصبح يتيما حزينا يئن تحت تراكمات الماضي المعطاء شعرا ولحنا والذي تجاوز صيته حدود المغرب لينتشر عبر المعمور شرقا وغربا، أمازيغا وعجما.
قد لا يختلف اثنان أن الراحل كان ملهفا بالثقافة المغربية الدفينة المتعددة وخاصة الامازيغية النابعة من جبال الأطلس الشامخة ومياه الأطلس التي لا تجف وغاباته التي توحي الشعر والجمال والحب والراحة والطمانينة التي طبعت دوما وعلى امتداد آلاف القرون طبيعة الإنسان المعروف بكرمه وانفتاحه وارياحيته وعشقه للحياة والحرية والكرامة والاستماتة من أجلها وبهذا تكون الامازيغية "بحر في أحشائه الدر كامن" وذ. حمزاوي "غواص "يجوب صدفاتها وليس من أولئك الذين هجروها.
الدكتور محمد المنور