المغرب/جهات/مجتمع
أزيد من 3000 أسرة تستجيب لمبادرة "الفطور في باب الدار" وتنسج لحظات من الفرح والتكافل بين الجيران
بقلم : نادية أبرام
انخرطت أزيد من 3000 أسرة من مختلف مدن المملكة في تظاهرة "الفطور في باب الدار" التي نظمت أمس الثلاثاء بمبادرة من "جمعية مغرب 21 لتنمية المبادرات الثقافية والفنية والاجتماعية".
وتأتي هذه المبادرة إثر دعوة غير مسبوقة للجمعية عبر عدة مواقع بالشبكة العنكبوتية إلى كل المغاربة للانخراط بقوة فيها في يوم النصف من رمضان الذي صادف أمس لإحياء هذه الثقافة وتقويتها بين المغاربة من خلال تنظيم إفطار جماعي بكل حي من أحياء المدن المغربية تتقاسم فيه الأسر لحظة من لحظات الفرح الرمضانية.
ومثل مكناس والرباط وفاس وطنجة والناظور وتطوان ومدن عدة عرفت هذه التظاهرة ذات القيمة الإنسانية، نصب موائد مزينة بكل أشكال المأكولات والحلويات الرمضانية التأم حولها في الشارع العام ساكنة الأحياء وحتى المارة والسياح الأجانب وعابري السبيل، فشكلت لحظة التقاء وتآخي متميزة.
وعبر السيد عبد الغني بنسعيد، رئيس جمعية مغرب 21 وصاحب الفكرة في تصريح لوكالة المغرب العربي بهذا الخصوص ، عن ارتياحه الكبير للاستجابة لهذه المبادرة التي لقيت في اعتباره صدى طيبا ولو بشكل نسبي مشيرا إلى أنها مبادرة ذات بعد إنساني تروم التقارب بين الجيران .
وتسعى المبادرة أيضا – حسب السيد بنسعيد- إلى اقتسام لحظات الفرح التي يمنحها الإفطار الجماعي والالتفاف حول مائدة واحدة أمام أبواب المنازل والاشتراك في الأكل والشرب ودعوة أشخاص قد لا يستطيعون إعداد مائدة تشمل كل متطلبات الإفطار وأيضا خلق مساحة للتواصل والتلاقي والحوار بين أبناء الدرب والاحتفال.
وأضاف أن الموائد التي نصبت لهذا الغرض شارك فيها أيضا عدد كبير من اليتامى والفنانين والصحافيين والعامة الذين تقاسموا إفطار أمس لتشجيع هذه المبادرة وإعطائها إشعاعا أكبر.
ويرى أن تحفظ بعض العائلات عن المشاركة في هذه التظاهرة لم يكن إلا من باب عدم استيعاب أهدافها الحقيقية والنتائج التي يمكن أن تحققها خاصة منها تقوية العلاقة بين الجيران وخلق جو من التفاهم وتوثيق أواصر التعاون والتآزر وكل القيم الحميدة معربا عن ثقته أن السنة المقبلة ستكون المشاركة أوسع بفضل تكثيف التواصل.
وأبرز السيد بنسعيد أن الجمعية تسعى إلى أن تصبح هذه المبادرة تقليدا سنويا، تعتمده الأسر المغربية خلال يوم النصف من شهر رمضان من كل سنة، لتذويب المسافات بين الأسر والانسجام بين أفراد المنطقة الواحدة حتى لا تظل ممزقة علائقيا مما قد يهدد توازن واستقرار الفضاء الجماعي والعمومي المشترك.
وقد تعدد مظاهر التكافل والتآزر في المغرب بين الجيران بالحي الواحد والعمارة الواحدة وكل التجمعات السكنية، لكنها تأخذ طابعا خاصا في مناسبات دينية وفي الأفراح والأتراح كأسلوب لتوثيق عرى التعاون والتآلف بين الأفراد وتعزيز التضامن الجماعي.
لذلك فالمبادرة تسعى – كما يجمع على ذلك بعض المشاركين فيها- إلى تكريسها ومواجهة ثقافة "الفردانية" التي أصبحت تدب شيئا فشيئا في تركيبة المجتمع المغربي وبدأت تتحول إلى سلوك قد يقلص من فرص التضامن والتقارب بين الجيران ويزرع الفتور في العلاقات لاعتبارات عدة ترتبط أساسا بالتحولات الاجتماعية وبتأثيرات الثقافة الغربية وعوامل أخرى اقتصادية.
لذلك استمدت المبادرة قيمتها ورمزيتها من روح التقاليد المغربية المتوارثة التي وضع أسسها السلف كأسلوب معيشي يجتمع فيه الجيران الفقراء منهم والميسورين في مناسبات قد يخلقونها لأنفسهم ليس إلا من أجل "اللمة الجميلة" ، قد تكون حتى حول "قصرية كسكس" يوم الجمعة.
وهذا التقليد يكون أكثر شيوعا في شهر رمضان المتميز بأجوائه الروحانية وأفضاله الكثيرة المناحي والمعاني، أهمها الصوم الذي يذكر بإحساس الفقراء وحاجتهم إلى الطعام والشراب وبث مشاعر السلم والتآخي والشعور بالآخر ومشاركته كل حالاته الإنسانية.
وفيما يرى بعض المعلقين في مواقع عدة بالشكبة العنكبوتية أن هذه المبادرة محدودة الأهداف لكونها "موسمية" ومقتصرة على يوم واحد من شهر رمضان حيث لن تمكن من تذويب مشكلة التباعد بين أفراد المجتمع، يرى المشجعون لها أن المجتمع المغربي في حاجة ماسة إليها خاصة وأن جزءا من قيم التضامن بين الجيران انهار وأصبح النزوع إلى الانعزالية هو الطاغي.
وتظل المبادرة مع ذلك فكرة جيدة تجسد جزءا من الثقافة المغربية التي تتميز برصيد مهم من الأمثلة الشعبية حول الجار وأهمية وجوده في حياة المغاربة منذ القدم أبرزها "الجار للجار رحمة" و" عار الجار على جاره يحترمه و يعرف مقداره" و"جارك القريب أحسن من أخوك البعيد".