1. تصرف النبي صلى الله عليه وسلم كرسول هو الأصل في كل ما قال من باب التبليغ والفتوى مثل العبادات ، والزكوات وأنصبائها والديات ومقاديرها والكفارات وأحكامها.
[justify]
2. تصرف النبي صلى الله عليه وسلم بالإمامة مثل قول الإمام القرافي: "بَعْثُ الْجُيُوشِ لِقِتَالِ الْكُفَّارِ وَالْخَوَارِجِ وَمَنْ تَعَيَّنَ قِتَالُهُ وَصَرْفُ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ فِي جِه
[size=12]2. تصرف النبي صلى الله عليه وسلم بالإمامة مثل قول الإمام القرافي: "بَعْثُ الْجُيُوشِ لِقِتَالِ الْكُفَّارِ وَالْخَوَارِجِ وَمَنْ تَعَيَّنَ قِتَالُهُ وَصَرْفُ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ فِي جِهَاتِهَا وَجَمْعُهَا مِنْ مَحَالِّهَا وَتَوْلِيَةُ الْقُضَاةِ وَالْوُلَاةِ الْعَامَّةَ وَقِسْمَةُ الْغَنَائِمِ وَعَقْدُ الْعُهُودِ لِلْكُفَّارِ ذِمَّةً وَصُلْحًا هَذَا هُوَ شَأْنُ الْخَلِيفَةِ وَالْإِمَامِ الْأَعْظَمِ"، وذكر أنه لايجوز لأحد أن يقوم بذلك إلا إذا كان إماما أو حاكما أو مسئولا أو مفوضا في التصرف منهم. ومن ذلك ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب عندما همّ كإمام أن يفاوض بعض القادة الكفار من بني غطفان أن يأخذوا ثلث ثمار المدينة ويرجعوا بقومهم عن مداهمة المدينة، فيستفاد من ذلك في المقصد الأعلى السعي لإعلاء كلمة الله ، والتمكين للإسلام، وتحقيق العدل، وتبليغ الرسالة لكل إنسان.
3. تصرفه صلى الله عليه وسلم بالقضاء وذلك فيما يتعلق "بالفصلِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي دَعَاوَى الْأَمْوَالِ أَوْ أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ وَنَحْوِهَا بِالْبَيِّنَاتِ أَوْ الْإِيمَانِ وَالنُّكُولَاتِ وَنَحْوِهَا". ومن الأمثلة التي ساقها القرافي تأكيداً لذلك مايلي:
• "قَوْلُهُ تعالى : "مَنْ أَحْيَى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ" (سنن الترمذي، ص1379) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْقَوْلِ هَلْ هذا تُصْرَفٌ بِالْفَتْوَى فَيَجُوزُ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُحْيِيَ أذْنَ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ الْإِحْيَاءِ أَمْ لَا؟ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَوْ هُوَ تَصَرُّفٌ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْإِمَامَةِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُحْيِيَ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ؟ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ."
• "قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِهِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ امْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ لَمَّا قَالَتْ لَهُ صلى الله عليه وسلم إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ لَا يُعْطِينِي وَوَلَدِي مَا يَكْفِينِي فَقَالَ لَهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ: "خُذِي لَك وَلِوَلَدِك مَا يَكْفِيك بِالْمَعْرُوفِ" (الجامع الصحيح، رقم 5364)، اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهَذَا التَّصَرُّفُ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَلْ هُوَ بِطَرِيقِ الْفَتْوَى فَيَجُوزُ لِكُلِّ مَنْ ظَفِرَ بِحَقِّهِ أَوْ بِجِنْسِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ عِلْمِ خَصْمِهِ بِهِ، وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ خِلَافُهُ بَلْ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَوْ هُوَ تَصَرُّفٌ بِالْقَضَاءِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ جِنْسَ حَقِّهِ أَوْ حَقَّهُ إذَا تَعَذَّرَ أَخْذُهُ مِنْ الْغَرِيمِ إلَّا بِقَضَاءِ قَاضٍ؟".
وقد رجح الإمام القرافي - ونحن معه- أن هذا الحديث من تصرف النبي صلى الله عليه وسلم بطريق الفتوى لا القضاء، حيث إن أبا سفيان كان في المدينة ولم يرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه ليسمع حجته في ذلك كأصل من أصول القضاء.
والعجيب أن الإمام القرافي ختم هذا الباب بقوله "تأمل ذلك فهو من الأصول الشرعية" وإنني أدعو كل المخلصين لربهم والمحبين لنبيهم صلى الله عليه وسلم أن يقبلوا دعوة الإمام القرافي الحنبلي في التأمل أولا، واعتبار ذلك من الأصول الشرعية ثانيا.
من روائع ما ذكره ابن القيم رحمه الله قوله في مدارج السالكين (2/107) تحت عنوان: فساد الاتباع في الإفراط والتفريط: "والسلف يذكرون هذين الأصلين كثيرًا، وهما: الاقتصاد في الأعمال والاعتصام بالسنة، فإنّ الشيطان يشمّ قلب العبد ويختبره، فإن رأى فيه داعية للبدعة وإعراضًا عن كمال الانقياد للسنّة أخرجه عن الاعتصام بها، وإن رأى فيه حرصًا على السنّة وشدّة طلب لها لم يظفر به من باب اقتطاعه عنها فأمره بالاجتهاد والجور على النفس ومجاوزة حدّ الاقتصاد فيها قائلاً له: إنّ هذا خير وطاعة، والزيادة والاجتهاد فيها أكمل، فلا تفتر مع أهل الفتور، ولا تنم مع أهل النوم...".
والحق أننا أحوج ما نكون قبل أي وقت مضى إلى هذه الوسطية في الاتباع التي ذكرها ابن القيم، ومن شواهد واقعنا بين الإفراط والتفريط في الاتباع مايلي:
1. هناك تفريط من البعض في عدم إطلاق لحيتهم، معتبرا أنها أمر شكلي ليس من جوهر الشريعة، مع عدم وجود أية ضغوط أمنية لحلقها، وعلى الجانب الآخرهناك إفراط ممن جعل معيار الإخاء والإمامة طول اللحية. فقد يكون للمسلم غير ذي اللحية مع تقصيره من ألوان الخير ومنع الشر وأعمال البر ما يفوق غيره، والله يقول: " فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى " [النجم : 32].
2. هناك من أهملوا الصلاة في المسجد وإقامة السنن الراتبة؛ مما يجعل أداء الفرائض معرضا لخلل قلبي حقيقي، حيث إن هذا يجعل الفرائض غير محصنة بالنوافل أمام نزغات الشيطان كما يصفها الإمام الغزالي في الإحياء. وعلى الجانب الآخر هناك من أطالوا المكث في المسجد بعد إقامة الفرائض وتركوا التفوق العلمي والإصلاح الاجتماعي والإنتاج المحلي حتى نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع متناسين أن الله لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة.
يتبع